«إيه أنا شاذّ»: وقف التمييز ضد المثليّين
Hotmail: Powerful Free email with security by Microsoft. Get it now.
«إيه أنا شاذّ»: وقف التمييز ضد المثليّين
كان المشهد جديداً أمام مسرح المدينة، أمس. مجموعة شباب يحتفلون باليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية والتحول الجنسي تحت عنوان «أنا شاذ». كان الشعار واضحاً وجواباً عن السؤال الذي طرحوه قبل 4 سنوات «مين شاذ؟»
راجانا حمية
كانت العيون كلها مصوّبة إليهم. تتفحّصهم من الرأس حتى أخمص القدمين. تلاحقهم حتى في هروبهم وخجلهم من الوجود في مكانٍ «هلقد عام». كانت النظرات ترقبهم، وكانوا هم يهربون بوجوههم. يندسّون في المجموعات التي تشبههم أمام مسرح المدينة، بمنأى عن «الفضوليين».
أمس، خارج المسرح، كان المثليون/ات ومتحوّلو الجنس... أو ما يمكن تسميته «م. م. م. م. م» يشبهون حالتهم: «شاذّين» في نظر مجتمعٍ يعدّ نفسه طبيعياً. غرباء في المجتمع الذي لم يقبل إلى الآن علاقة يضعها القانون في خانة «المخالِفة للطبيعة»، ويعاقب عليها في المادة 534 من «العقوبات». هذه الغربة في الخارج تنقلب فجأة حرية مبالغاً فيها داخل إحدى قاعات المسرح، حيث تحتفل جمعية حلم باليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية والتحول الجنسي. يكبر هامش الحرية. تصبح عبارة «إيه، أنا شاذ» طبيعية. تصبح قاعة المسرح مجتمعهم الذي لا تفصح جدرانه عن حكاياتهم، ولا يجدون هم تكلفاً في البوح بتفاصيل حياتهم المختلفة، فهم بالنهاية متشابهون... وهنا، لا «شذّاذ» بينهم. أمس، في قاعة المسرح، كان كل شيء يشبه الـ«م. م. م. م. م». الجدران كلها مزنّرة بشعارهم «إيه أنا شاذ»، والأبواب وطاولة الحوار والكتب التي يبيعونها والبائعون أنفسهم، حتى لتشعر في لحظةٍ أنك «شاذ» فعلاً بينهم، لأنك لا تشبههم. تضيع في مصطلحاتهم بين المثلي والمتحوّل والمتغيّر، ولكن مع ذلك قد تشاطرهم الرأي في أنهم أقلية.
«إيه، أنا شاذ»، هو العنوان لليوم الطويل الذي استمر حتى فجر اليوم، وهو تالياً الجواب عن سؤالٍ طرحه هؤلاء قبل أربع سنوات «مين شاذ؟». حينها، لم يجرأوا على البوح علانية بالجواب، أما الآن، فـ«لا مشكلة»، تقول هبة عباني من جمعية حلم. والسبب أن «الشذوذ لا يشمل المثلي فقط، بل هو أوسع من هيك، في فئات لم تدخل في إطار معين اسمه مجتمع». تضيف عباني إنه «إذا ما اجتمع هؤلاء، فهم يمثّلون قوة ضغط على أصحاب القرار للاعتراف بحقوقنا».
هذه كانت خلاصة اليوم الطويل. أما ما حدث فيه، فقد كان مقسوماً إلى أجزاء. بدأ الجزء الأول بعرض مسيرة 10 سنوات من النضال السياسي لـ«م.م.م.م.م.م». خلال تلك الفترة، تمكن هؤلاء من انتزاع رأي قضائي باستثناء المثليين من أحكام المادة 534 التي اعتبرت أن المثلية لا تدخل في خانة «المجامعة خلافاً للطبيعة»، إضافة إلى سلسلة نشاطات، منها تأسيس جمعية حلم لحقوق المثليين ومقاطعتها لتظاهرة المثليين في القدس رفضاً للاحتلال ومساعدة أطفال حرب تموز..
الجزء الثاني كان أساسياً في اليوم. هنا، اقترب الـ م.م.م.م.م من الواقع الذي يعيشونه من خلال أربعة «اسكتشات» أداها خمسة مسرحيين شباب.
كلها كانت تدور حول الموضوع ذاته: ما بين المثلية وعلاقتها بالمجتمع. قد يختصر المشهد الأول تلك العلاقة بين الطرفين: بين الشرطة «اللي هنّ الرب» والمثلي «اللي هو ع بنت». فتاتان وشابان، في ذاك العرض، وانقلبت الأدوار. الفتاتان أخذتا دور الشابين، والشابان انقلبا فتاتين. يدخل رجل الأمن. يصرخ: «كتاف للرجال وصدور للبنات». تترجم الحركة بشكلٍ آلي مغاير للطبيعة، فيرفع الشابان صدريهما وتحنو الفتاتان أكتافهما، وهكذا دواليك. فجأة يصرخ رجل الأمن بالفتاة «المسترجلة»، قائلاً: «ليش مصرّة تكوني صبي؟»، قد يكون الجواب «لأنها هذه حريتي». يبدأ النقاش. كل يترجم المشهد كما يراه. هذا، يرى فيه تعبيراً عن «حرية تحديد الجنس»، وآخر يطالب بأن «لا نكون مثل السكتش لأنو فينا نكون الشي اللي حاسينه». مشهد آخر. عاملة جنس، هذا ما يبدو من «الدولارات التي يرمونها بها». ينتهي السكتش، يبدأ النقاش. واحد يقول «لازم عاملات الجنس ينعطوا حقوقهن». يتنطح آخر ليقول «في اليابان مهنة الجنس متلا متل أي مهنة تانية، متل المحاماة بيتعبوا ليوصلوا». يستفز هذا القول إحداهن: «يعني اللي بتتعب على حالها بالدرس بتشبه عاملة الجنس». يحتد الموقف. تكمل: «بتقبل إنو إختك تشتغل...». يجيبها «إيه»، فتصرخ: «إيه منّك رجال» وتسرع هاربة من الباب إلى غير رجعة. يكمل النقاش. تتبعه حلقة حوارية عن الحرية الجنسية والتضامن والتشبيك مع كل الفئات التي تشعر بشذوذها عن المجتمع. ينتهي النقاش، يخلو المجتمعون قاعتهم ويخرجون للمشاركة باعتصام «إيه أنا شاذ» أمام المسرح. مطالبهم منه كثيرة، ليس أقلها إلغاء المادة 534 من قانون العقوبات ووقف التمييز الموجه ضد المثليين وفصل الدين عن شؤون الدولة ورفع الحد الأدنى للأجور... النهاية في زيكو هاوس، حيث تقام سهرة «عرمرمية» حتى الثالثة فجراً احتفالاً بيوم مكافحة الرهاب.
راجانا حمية
كانت العيون كلها مصوّبة إليهم. تتفحّصهم من الرأس حتى أخمص القدمين. تلاحقهم حتى في هروبهم وخجلهم من الوجود في مكانٍ «هلقد عام». كانت النظرات ترقبهم، وكانوا هم يهربون بوجوههم. يندسّون في المجموعات التي تشبههم أمام مسرح المدينة، بمنأى عن «الفضوليين».
أمس، خارج المسرح، كان المثليون/ات ومتحوّلو الجنس... أو ما يمكن تسميته «م. م. م. م. م» يشبهون حالتهم: «شاذّين» في نظر مجتمعٍ يعدّ نفسه طبيعياً. غرباء في المجتمع الذي لم يقبل إلى الآن علاقة يضعها القانون في خانة «المخالِفة للطبيعة»، ويعاقب عليها في المادة 534 من «العقوبات». هذه الغربة في الخارج تنقلب فجأة حرية مبالغاً فيها داخل إحدى قاعات المسرح، حيث تحتفل جمعية حلم باليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية والتحول الجنسي. يكبر هامش الحرية. تصبح عبارة «إيه، أنا شاذ» طبيعية. تصبح قاعة المسرح مجتمعهم الذي لا تفصح جدرانه عن حكاياتهم، ولا يجدون هم تكلفاً في البوح بتفاصيل حياتهم المختلفة، فهم بالنهاية متشابهون... وهنا، لا «شذّاذ» بينهم. أمس، في قاعة المسرح، كان كل شيء يشبه الـ«م. م. م. م. م». الجدران كلها مزنّرة بشعارهم «إيه أنا شاذ»، والأبواب وطاولة الحوار والكتب التي يبيعونها والبائعون أنفسهم، حتى لتشعر في لحظةٍ أنك «شاذ» فعلاً بينهم، لأنك لا تشبههم. تضيع في مصطلحاتهم بين المثلي والمتحوّل والمتغيّر، ولكن مع ذلك قد تشاطرهم الرأي في أنهم أقلية.
«إيه، أنا شاذ»، هو العنوان لليوم الطويل الذي استمر حتى فجر اليوم، وهو تالياً الجواب عن سؤالٍ طرحه هؤلاء قبل أربع سنوات «مين شاذ؟». حينها، لم يجرأوا على البوح علانية بالجواب، أما الآن، فـ«لا مشكلة»، تقول هبة عباني من جمعية حلم. والسبب أن «الشذوذ لا يشمل المثلي فقط، بل هو أوسع من هيك، في فئات لم تدخل في إطار معين اسمه مجتمع». تضيف عباني إنه «إذا ما اجتمع هؤلاء، فهم يمثّلون قوة ضغط على أصحاب القرار للاعتراف بحقوقنا».
هذه كانت خلاصة اليوم الطويل. أما ما حدث فيه، فقد كان مقسوماً إلى أجزاء. بدأ الجزء الأول بعرض مسيرة 10 سنوات من النضال السياسي لـ«م.م.م.م.م.م». خلال تلك الفترة، تمكن هؤلاء من انتزاع رأي قضائي باستثناء المثليين من أحكام المادة 534 التي اعتبرت أن المثلية لا تدخل في خانة «المجامعة خلافاً للطبيعة»، إضافة إلى سلسلة نشاطات، منها تأسيس جمعية حلم لحقوق المثليين ومقاطعتها لتظاهرة المثليين في القدس رفضاً للاحتلال ومساعدة أطفال حرب تموز..
الجزء الثاني كان أساسياً في اليوم. هنا، اقترب الـ م.م.م.م.م من الواقع الذي يعيشونه من خلال أربعة «اسكتشات» أداها خمسة مسرحيين شباب.
كلها كانت تدور حول الموضوع ذاته: ما بين المثلية وعلاقتها بالمجتمع. قد يختصر المشهد الأول تلك العلاقة بين الطرفين: بين الشرطة «اللي هنّ الرب» والمثلي «اللي هو ع بنت». فتاتان وشابان، في ذاك العرض، وانقلبت الأدوار. الفتاتان أخذتا دور الشابين، والشابان انقلبا فتاتين. يدخل رجل الأمن. يصرخ: «كتاف للرجال وصدور للبنات». تترجم الحركة بشكلٍ آلي مغاير للطبيعة، فيرفع الشابان صدريهما وتحنو الفتاتان أكتافهما، وهكذا دواليك. فجأة يصرخ رجل الأمن بالفتاة «المسترجلة»، قائلاً: «ليش مصرّة تكوني صبي؟»، قد يكون الجواب «لأنها هذه حريتي». يبدأ النقاش. كل يترجم المشهد كما يراه. هذا، يرى فيه تعبيراً عن «حرية تحديد الجنس»، وآخر يطالب بأن «لا نكون مثل السكتش لأنو فينا نكون الشي اللي حاسينه». مشهد آخر. عاملة جنس، هذا ما يبدو من «الدولارات التي يرمونها بها». ينتهي السكتش، يبدأ النقاش. واحد يقول «لازم عاملات الجنس ينعطوا حقوقهن». يتنطح آخر ليقول «في اليابان مهنة الجنس متلا متل أي مهنة تانية، متل المحاماة بيتعبوا ليوصلوا». يستفز هذا القول إحداهن: «يعني اللي بتتعب على حالها بالدرس بتشبه عاملة الجنس». يحتد الموقف. تكمل: «بتقبل إنو إختك تشتغل...». يجيبها «إيه»، فتصرخ: «إيه منّك رجال» وتسرع هاربة من الباب إلى غير رجعة. يكمل النقاش. تتبعه حلقة حوارية عن الحرية الجنسية والتضامن والتشبيك مع كل الفئات التي تشعر بشذوذها عن المجتمع. ينتهي النقاش، يخلو المجتمعون قاعتهم ويخرجون للمشاركة باعتصام «إيه أنا شاذ» أمام المسرح. مطالبهم منه كثيرة، ليس أقلها إلغاء المادة 534 من قانون العقوبات ووقف التمييز الموجه ضد المثليين وفصل الدين عن شؤون الدولة ورفع الحد الأدنى للأجور... النهاية في زيكو هاوس، حيث تقام سهرة «عرمرمية» حتى الثالثة فجراً احتفالاً بيوم مكافحة الرهاب.
Hotmail: Powerful Free email with security by Microsoft. Get it now.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق